اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 176
أصلا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ المستغرقين في الغي والضلال عَذاباً مُهِيناً مذلا مسقطا لهم عن المرتبة الانسانية بعد ما جبلوا عليها صورة إذ لا اهانة أشد من ذلك
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ المتوحد المتفرد في الوجود وَاعترفوا بظهوره سبحانه في رُسُلِهِ بعموم أوصافه وأسمائه وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بالإيمان والكفر بل يؤمنون بجميعهم على السوية أُولئِكَ السعداء الموفقون بهذه الكرامة في هذه النشأة سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ تفضلا عليهم في النشأة الاخرى أُجُورَهُمْ بأضعاف ما استحقوا عليه بأعمالهم ونياتهم فيها وَلا تستبعدوا من الله أمثال هذا إذ كانَ اللَّهُ الموفق لهم على الهداية غَفُوراً لذنوبهم المبعدة عن طريق توحيده رَحِيماً لهم يوصلهم الى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب
يَسْئَلُكَ يا أكمل الرسل أَهْلُ الْكِتابِ من غاية جهلهم بالله وغفلتهم عنه أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ على مقتضى ما تهوى نفوسهم وترضى عنه عقولهم ولا تستكبر منهم أمثال هذا يا أكمل الرسل فَقَدْ سَأَلُوا أخاك مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ وأشد بعدا واستحالة فَقالُوا من غاية بعدهم عن الله ونهاية حجابهم عن مطالعة جماله أَرِنَا اللَّهَ الذي تدعونا اليه وترشدنا نحوه جَهْرَةً ظاهرة معاينة كالموجودات الاخر وهم من فرط انهماكهم في الغفلة والجهالة ما قدروا الله حق قدره لذلك أرادوا ان يحصروه في مرئى محسوس ويحيطوا به إحساسا وإدراكا مع انه سبحانه أجل وأعلى من ان يشار اليه او يدرك ويحاط به على ما هو عليه إذ الإشارة والاحاطة والإدراك انما هو منه وبه وفيه واليه ومن هذا شأنه كيف يدرك ويحس به ونهاية حال الواصلين اليه انهم قد انخلعوا عن هوياتهم الباطلة بالمرة وفنوا في هويته واضمحلوا في عينه إذ لا اله الا هو ولا موجود سواه وكل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون رجوع الأمواج الى الماء فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ النازلة من السماء بِظُلْمِهِمْ فهلكوا ثُمَّ بعد ما تابوا ورجعوا الى الله واستشفع لهم موسى صلوات الله عليه وسلامه قد اتَّخَذُوا الْعِجْلَ واعتقدوه آلها وحصروا الألوهية فيه حين لبس عليهم السامري وخادعهم به مع ان اتخاذهم هذا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ الواضحة الدالة على توحيد الله وتقدسه وتنزهه في ذاته من الحصر والاحاطة فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ ايضا بعد ما رجعوا إلينا والتجؤا نحونا متذللين وَآتَيْنا بعد ذلك أخاك مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً اى حجة واضحة ومعجزة ملجئة لهم الى الايمان
وَذلك انه قد رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ معلقا عليهم بِمِيثاقِهِمْ اى بسبب ان نأخذ منهم العهد الوثيق ان جاءوا به وأوفوا عليه أزلنا عنهم الطور وان أبوا ولم يوفوا اسقطناه عليهم وَقُلْنا لَهُمُ ايضا بعد ما أخذنا الميثاق عنهم على لسان موسى عليه السّلام ادْخُلُوا الْبابَ اى بيت المقدس سُجَّداً حال كونكم ساجدين واضعين جباهكم على تراب المذلة والهوان هينين لينين فدخلوا مسرعين مزحفين فنقضوا العهد الوثيق المعهود وَقُلْنا لَهُمُ ايضا ميثاقا ومعاهدة على لسان داود عليه السّلام لا تَعْدُوا اى لا تجاوزوا ولا تخرجوا عن حدودنا مطلقا سيما فِي السَّبْتِ اى في اصطياد الحيتان فيه فاحتالوا في اصطيادها فنقضوا ما عهدوا وَبالجملة قد أَخَذْنا مِنْهُمْ مرارا مِيثاقاً غَلِيظاً اى مواثيق غلاظا على ارادة الجنس فنقضوا الكل وخالفوا الجميع
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ اى بسبب نقضهم المواثيق الغلاظ والعهود المؤكدة قد فعلنا بهم ما فعلنا من الابتلاءات
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 176